الأولىمال و أعمال

2021 سنة التحول الصناعي والتجاري.. الميزان التجاري يسجل فائضا بأكثر من مليار دولار

أظهرت المؤشرات الاقتصادية والتجارية لسنة 2021 نتائج إيجابية تدل على بداية تعافي تدريجي للاقتصاد الوطني وهذا بفض التدابير التي اعتمدتها الدولة وعلى  رئيس الجمهورية عبد الميجد تبون، من أجل إنعاش المؤسسات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار لدى المؤسسات المصغرة والناشئة، ودعم علامة “صنع في الجزائر”، إضافة إلى أهم عامل هو التقليل من الاستيراد واللجوء إلى تشجيع التصدير خارج المحروقات والتي سجل فيها أرقام مشجعة هذه السنة.

وقد كانت رسالة رئيس الجهورية، السيد عبد المجيد تبون، واضحة، حيث أكد في أحد اللقاءات ضرورة تقليص تبعية الاقتصاد لمداخيل المحروقات إلى 80 بالمائة على المدى القصير مقابل 98 بالمائة في السنوات الأخيرة ولهذا، فإن تغيير تسمية الوزارة التي يشرف عليها، كمال رزيق، لتصبح منذ شهر جويلية الأخير، وزارة التجارة وترقية الصادرات لم يكن عبثا، ويعكس ذلك الاهتمام الذي توليه الحكومة للصادرات ويؤكد عزم السلطات العليا في البلاد على جعل الصادرات خارج المحروقات محركا حقيقيا لنمو الاقتصاد الوطني. وتشير الأرقام إلى أن هذه السياسة الجديدة بدأت تعطي أكلها، إذ أن الصادرات خارج المحروقات مثلت 12.3 بالمائة من مجموع عمليات الصادرات التي تمت خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية، حسب المعطيات التي قدمتها الوزارية الوصية. وقد تحققت هذه النتيجة بفضل مجموعة من الإجراءات التحفيزية التي تشمل على وجه الخصوص إنشاء أروقة خضراء مخصصة للصادرات ومزايا ضريبية وتسهيلات إدارية، بالإضافة إلى تعزيز دور الدبلوماسية الاقتصادية في الترويج للمنتجات الجزائرية في الخارج.

 

حوافز حركت مسيرة التوجه للصادرات خارج المحروقات

ومن بين الحوافز التي سمحت بتعزيز الصادرات خارج المحروقات، نجد أيضا التنظيم الجديد لبنك الجزائر والذي يسمح للمصدرين بالحصول على جميع المداخيل من العملة الصعبة الناتجة عن أنشطتهم، بالإضافة إلى ذلك، يعفي نظام البنك المركزي من إجراءات التوطين البنكي، صادرات الخدمات الرقمية وكذا تلك المتعلقة بخدمات الشركات الناشئة والمهنيين غير التجاريين. من جهة أخرى، تمكن المتعاملون الاقتصاديون الناشطون في مجال الصادرات من تثمين جودة منتجاتهم والتعريف بها بفضل زيادة مشاركتهم في المعارض الإقليمية والقارية، وفي هذا الإطار، تم تنظيم العديد من التظاهرات على المستوى الوطني المخصصة للتصدير خلال هذا العام، مثل معرض الاستيراد والتصدير الإفريقي “أمبيكس 2021″، ومعرض المنتجات الجزائرية المخصصة للسوق الليبي، والمعرض الدولي للتصدير والخدمات اللوجستية. وعلى الصعيد الدولي، شاركت الجزائر في عدة تظاهرات من بينها الطبعة الـ29 لمعرض دكار الدولي (السنغال)، والطبعة الثانية للمعرض التجاري الإفريقي البيني الذي نظم في مذينة دوربان (جنوب إفريقيا) أين فاز الجناح الجزائري بجائزة أفضل جناح رسمي، وهي جائزة جائت لمكافأة “جودة المنتجات والخدمات المقدمة، بالإضافة إلى الإقبال الكبير المتعاملين الاقتصاديين والزوار الأجانب”. ومن أجل تحفيز الصادرات خارج المحروقات، فإن الدولة تراهن على مختلف اتفاقات الشراكة والتبادل الحر التجارية التي صدقت عليها الجزائر، لا سيما مع الاتحاد الأوروبي والبلدان الإفريقية الموقعة على اتفاق منطقة التبادل الحر القارية، وكذا البلدان العربية المعنية باتفاق المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر، وفي هذا الصدد، سبق لرئيس الجمهورية، أن دعا إلى مراجعة بنود اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الموقع في سنة 2002 ودخل حيز التطبيق في سنة 2005 “بندا بندا”، وحسب “رؤية سيادية ومقاربة رابح-رابح”.

 

بلغة الأرقام.. تسجيل نمو في الإنتاج المنجمي والكهرباء والإلكترونيك وعدة قطاعات أخرى وصلت إلى 18 بالمائة

ومكّنت كل هذه التدابير من تسجيل أسعار الإنتاج الصناعي خارج المحروقات للقطاع العمومي الوطني، ارتفاعا بنسبة 3 بالمائة خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021 مقارنة بالثلاثي السابق، حسبما جاء في بيان للديوان الوطني للإحصاء، وإذ فصل تطور الأسعار حسب قطاع النشاط خلال الفترة الممتدة من جويلية إلى سبتمبر 2021، أشار الديوان إلى ارتفاع أسعار الإنتاج في قطاع الطاقة بنسبة 3،2 بالمائة مقارنة بالثلاثي الثاني الذي شهد انخفاضا بنسبة 2،4 بالمائة، وقد مس هذا الارتفاع قطاعي المناجم والمحاجر التي ارتفع سعرها من 0،3 بالمائة خلال الثلاثي الثاني إلى 5،3 بالمائة حاليا، لا سيما بعض الأنشطة على غرار أسعار فرع استخراج معدن الفوسفات (+ 7،2 بالمائة)، كما ارتفعت أسعار صناعات الحديد والصلب والميكانيك والكهرباء والإلكترونية بنسبة 8،2 بالمائة مقابل 5 بالمائة خلال الثلاثي الثاني “بحجم أقل ولكنه يبقى مهما”، وسجلت في ذات القطاع صناعة الحديد وتحويل الحديد والصلب وكذلك تصنيع السلع المعدنية والميكانيكية والكهربائية المتوسطة زيادات بلغت 8،4 و18،1 بالمائة. أما بالنسبة للصناعات الكيميائية، فقد شهدت تباينا بنسبة 0،4 بالمائة خلال الثلاثي الثالث نسبة أعلى بكثير (+ 2،7 بالمائة) خلال الثلاثي الثاني، في حين عرفت الكيمياء العضوية الأساسية نموا بنسبة 11 بالمائة وسجلت صناعة الألبان زيادة قدرها 1،1 بالمائة كما سجل في صناعة النسيج نموا بنسبة 8،2 بالمائة، تفيد حصيلة الديوان، مع التوضيح أن “العامل الرئيسي وراء هذا النمو راجع إلى سلع النسيج الاستهلاكية (+ 14،9 بالمائة)”.

 

الميزان التجاري يسجل فائضا بأكثر من مليار دولار في 2021

ويؤكد المختصون في المجال، أن النتائج تشجع على خلق المزيد من الأنشطة المقاولاتية وزيادة عدد المؤسسات في النسيج الاقتصادي الوطني، والتي عرفت، حسبه، خلال 2021 زيادة بنسبة 45 بالمائة مقارنة بـ2020 وهو الذي كان قد أكده وزير التجارة، مشيرا أنه فاقت نسبة نمو الاقتصاد الوطني خلال نهاية الثلاثي الثالث من 2021 معدل 2،6 بالمائة. وبنهاية نوفمبر الماضي، سجل الميزان التجاري فائضا بأكثر من مليار دولار ووصلت الصادرات خارج المحروقات إلى 4،5 مليار دولار. وقال “ضيعنا لسنوات حصص الجزائر في هذه الأسواق، لا سيما مع المنطقة العربية والاتحاد الأوروبي وأمامنا إفريقيا ويجب أن لا نضيعها، ونحن نملك منتجات وطنية بمعايير دولية لتنفيذ هذا الهدف”و بهذا الخصوص، ما جعل الجزائر تقرر في 2021 الشروع في تخصيص مؤسسات تتكفل مستقبلا بعمليات التصدير، حتى تتيح للمنتجين التفرغ لتطوير المنتوج، حيث تتكفل شركات التصدير بعمليات تسويقه، ما يضمن ديمومة المؤسسات وفتح مناصب شغل جديدة، خاصة وأن قطاع التجارة ساهم بنسبة 5،12 بالمائة في الناتج الداخلي الخام خلال 2020، كما سجل إنشاء 10200 شركة وتسويق 388 ألف منتوج وطني. ويقدر العدد الإجمالي للمتعاملين الاقتصاديين حاليا عبر الوطن 2 مليون مؤسسة رئيسية وثانوية، منها 1 مليون و500 ألف مؤسسة حائزة على السجل التجاري الإلكتروني، ما يمثل 80،68 بالمائة من مجموع المسجلين، وخلال 2021 وإلى غاية شهر ديسمبر الجاري، عرف المركز الوطني للسجل التجاري أكثر من 346 ألف عملية تسجيل منها 160 ألف قيد جديد.

 

رفع عدد الأجانب الحائزين على السجل التجاري إلى 10 آلاف تاجر

ويقدر عدد التجار الأجانب الحائزين على السجل التجاري حتى بداية ديسمبر 9.648 تاجر موزعين على 2.471 شخص طبيعي و7.177 شخص معنوي.

وبالنسبة للأشخاص الطبيعيين، تمثل الشركات السورية نسبة 30 بالمائة والتونسية 25 بالمائة والمغربية 15 بالمائة. أما بالنسبة للأشخاص المعنويين الناشطين في التجارة، تمثل الشركات التركية 14 بالمائة والفرنسية 13 بالمائة والصينية بـ11 بالمائة، وتحصي المنصة الرقمية للمصدرين الجزائريين 100 مؤسسة اقتصادية منتجة مع 250 طلب جديد منذ انطلاقها رسميا في 12 أكتوبر 2021، وهي تضم 6 قطاعات نشاط كبرى. وينشط على المستوى الوطني، 1.165 متعامل طبيعي و3.539 متعامل معنوي في مجال التصدير و268.293 متعامل طبيعي و78.258 متعامل معنوي في مجال إنتاج السلع و789.572 متعامل طبيعي و82.332 متعامل معنوي في مجال إنتاج الخدمات، كما شهدت الفلاحة الصحراوية سنة 2021 تحولات عميقة تجسدت خاصة في القرارات المتعددة التي اتخذتها السلطات العمومية منها إنشاء ديوان لتنمية الزراعة بالاراضي الصحراوية وإطلاق عملية إحصاء عام للفلاحة على مستوى ولاية غرداية باعتبارها ولاية نموذجية، ويتوخى من استحداث ديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية من طرف السلطات العمومية ضمان الأمن الغذائي سيما ما يتعلق منه بالمحاصيل الزراعية الإستراتجية المكثفة (الحبوب والأعلاف الحيوانية والذرة) وأيضا تشجيع الإستثمار. ويندرج هذا الديوان في إطار الاستراتجية الهادفة إلى مكافحة البيروقراطية وتمكين المستثمرين في مجال تطوير المحاصيل الاستراتيجية من تجاوز العقبات التي تعيق الحصول على العقار الفلاحي باستخدام وسائل إنتاج عصرية عبر المساحات الكبرى، وجرى توزيع ما لا يقل عن 78.000 هكتار في الجنوب الكبير منذ إنشاء هذا الديوان سنة 2021، ويشكل الاستثمار الحقيقي “محورا حساسا” لإنعاش قطاع الفلاحة لضمان تنمية مستدامة، حيث سجلت زراعة الحبوب “تطورا ملموسا” من خلال المشاريع المجسدة بفضل تدعيم المكننة واستخدام البذور المختارة وزيادة المردودية. ويرى عديد شركاء القطاع، أنه بات من الضروري تحويل مختلف الهياكل المجتمعية الاقتصادية المنتجة، بغرض مرافقة الاستثمار الزراعي المكثف من أجل ضمان انطلاقة على قاعدة صلبة، وبناء مستقبل مزدهر بآفاق واعدة للزراعة الجزائرية في الجنوب. كما عرفت سنة 2021، عقد الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي التي كانت برئاسة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والتي سعت إلى تجنيد الكفاءات الوطنية، المحلية والمغتربة، لدفع نمو الصناعة والاقتصاد الوطني ومناقشة آليات الإنعاش الاقتصادي مع جميع الفاعلين في القطاع (الشركات الصناعية بمختلف صفاتها)، حاملي المشاريع (بما في ذلك الشركات الناشئة)، الهيئات الفاعلة في سوق السلع الصناعية، المؤسسات المعنية بالدعم والتأطير في مجال الصناعة، مراكز الدراسات أو البحوث الموجهة وكذا الخبراء مع حث المؤسسات الصناعية على الحوار فيما بينها ومع شركائها في القطاعات الاخرى (الفلاحة، المحروقات، التجارة، المالية، الابتكار والبحث العلمي) للاستفادة من جميع أوجه التعاون الممكنة، تجنيد الكفاءات الوطنية المحلية والمغتربة من أجل الاستفادة من تجاربها وإشراك جميع الفاعلين حول أهداف وخطة وزارة الصناعة واقحامهم في تنفيذ مخطط العمل القطاعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى