الأولىالحدث

الرئيس بومدين الذي يحن العالم اليوم إلى حنكته وشجاعته.. صاحب مقولات “الدولة لا تزول بزوال الرجال” و”الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”

يحي الجزائريون اليوم ومعهم العالم العربي والإسلامي ودول العالم الثالث الذكرى الـ43 لوفاة زعيم الأمة الرئيس الثاني للجزائر المستقلة هواري بومدين، وكأنهم يريدون القول ما أحوج العالم اليوم للرئيس بومدين وحنكته، خاصة في ظل التكالب الذي يطال القضية الفلسطينية، كيف لا وهو صاحب مقولة الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة واستمرار الاستعمار المغربي في إفريقيا ونهب الإمبريالية العالمية لثروات وخيرات العالم الثالث.

ما يميز الذكرى الـ43 لرحيل زعيم الأمة هواري بومدين واسمه الحقيقي، محمد بوخروبة، هو عودة الحديث بقوة عن مسيرة وبصمات هذا الرجل العظيم الذي كرس حياته من نعومة أظافره لخدمة قضية شعبه وبلاده سواء بداخل الوطن أو خارجه، لا سيما بالدول التي ساندها في محنها السياسية والاقتصادية كفلسطين وعدة دول عربية وإفريقية ومن أمريكا اللاتينية خلال الثورة التحريرية التي تقلد فيها عدة مسؤوليات تنظيمية بجيش التحرير الوطني، إلى أن وصل هرم قيادته كرئيس لأركان جيش التحرير الوطني قبل الاستقلال ثم نفس المنصب مع وزير الدفاع في أول حكومة جزائرية مستقلة خلال فترة حكم الرئيس الراحل أحمد بن بلة ثم ثاني رئيس للجمهورية بعد التصحيح الثوري في 19 جوان 1965. هواري بومدين كان ولا يزال من بين رؤساء الجزائر الذين تركوا بصمات من ذهب والتي لا يمكن أن تنسى أو تمحى فكيف لا وهو الذي يعود له الفضل في تنظيم الجيش مباشرة بعد الاستقلال وإطلاق برنامج عصرنته وتكوين قيادته، كما تمكن بفضل علاقاته مع دول الاتحاد السوفياتي ورسيا وعن طريق علاقات رجالاته مع الولايات المتحدة الأمريكية منهم “رشيد كازا” من إرساء قاعدة صناعية واقتصادية متينة لا تزال الجزائر تعتمد عليها حتى الآن على غرار المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية التي غزت العالم خلال فترة حكمه وبعدها بسنوات.

بومدين صديق الريف وصاحب الإنجازات العظمى

كما ارتبط اسم هواري بومدين بتشييد أكبر المنشآت العملاقة بدءا بجامعة باب الزوار التي أولها أهمية بالغة وتخرج منها الآلاف من العلماء والباحثين الذي يصنعون مجد عديد الدول التي يعيشون بها كما شيّد العشرات من الفنادق الضخمة أهمها فندق الأوراسي. هواري بومدين، ارتبط اسمه أيضا بالفلاحة وعالم الريف الذي كان يعشقه كثيرا وجعل منه قطاعا استراتيجيا بين الجيش كحامي الأمة، حيث عرف الفلاح في عهده قيمته وقدره وجعل من معيشته تساوي معيشة سكان المدن بطابع ريفي فلاحي لضمان قوت الجزائريين، كيف لا وهو الذي تفطن مبكرا لمشروع السد الأخضر الذي أصبح اليوم مرجعا للعديد من السياسات والمبادرات البيئية في العالم. وإن كان الرئيس هواري بومدين قد ترك إنجازات تاريخية في كل المجالات تتحدث عنه اليوم بكبرياء حتى من قبل خصومه السياسيين آنذاك، حيث ذكر الراحل الرائد لخضر بورقعة في أحد تصريحاته سنة 2019، أن الجزائر اليوم بحاجة إلى 40 بومدين لإعادتها إلى سكتها الصحيحة، فقد ترك أيضا بصمات لا يمكن محو آثارها على الساحة الدولية والإقليمية والعربية ويكفيها فخرا أنه تشجع وتكلم على ضرورة اعتماد نظام اقتصادي عالمي جديد يقوم على العدالة والمساواة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويعود له الفضل أيضا، أنه أدخل فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة سنة 1974 التي عرفت خطابا شهيرا لرئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات. بومدين لم يكتفي بهذا، بل لبى نداء الواجب الوطني دون تردد، حيث قبل مشاركة وحدات من الجيش الجزائري في الحروب العربية الإسرائيلية جميعها بخيرة الفيالق التي يملكها كما ترك عبارته الشهيرة التي لا تزال تردد إلى الآن شعبيا ورسميا من قبل الجزائر ألا وهي “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” الأمر الذي جعل العديد من المواليد الفلسطينيين يحملون اسمه. وعلى الصعيد العربي لم تكن القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للرئيس محمد بوخروبة، بل كان همه أيضا جمع لمّ شمل العرب وتحقيق أسباب تفوقهم فكان لا يفوته أحدا في التدخل لفض النزاعات والخلافات بين العرب، حيث نجح في الكثير منها أبرزها فض نزاع بين العراق وإيران. ومن أبرز مسارات بومدين في إفريقيا أنه يعد رائدا من رواد مكافحة الاستعمار في هذا البلد، حيث وقف إلى جانب الشعب الصحراوي الشقيق في دفاعه عن أرضه وعرضه كما تقرّه الشرعية الدولية وفتح لهم باب اللجوء إلى الجزائر على غرار الآلاف من الفلسطينيين، كما عرف بومدين أيضا وقوفه مع الشعوب الضعيفة خاصة من إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث كانت الجزائر في عهده وإلى الآن سندا ودعما لها بالمال كل ما تحتاجه من خبرات فنية ومساعدات في مجالات الحياة وليس السياسية والعسكرية فقط. إن ذكرى وفاة الزعيم هواري بومدين، يجب أن تستوقفنا عند إنجازاته في الجزائر بصفة خاصة والعالم العربي والإسلامي بصفة عامة، لكن يجب التذكير فيها أن الجزائر الجديدة على دربه وخطاه وخير دليل على ذلك مواصلة الجزائر دعم القضية الفلسطينية في هذا الوقت بالذات الذي يعرف فيه العالم العربي هرولة للتطبيع مع الكيان الصهويني الغاشم وكذا دعمها لكل قضايا التحرر في العالم المدافعة عن حق تقرير المصير وهو أكبر إنجاز تركه الرئيس هواري بومدين للأجيال التي لحقته شعبا وقيادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى